قال الأسلي: ركبني دَيْن أثقل كاهلي، وطالبني به مستحقوه، واشتدت حاجتي، فضاقت بي الأرض ولم أهتدِ إلى ما أصنع، فشاورت من أثق به من ذوي المودة والرأي، فأشار عليَّ بقصد المهلَّب بن أبي صفرة بالعراق، فقلت له: يمنعني بُعد المسافة، ثم أني عدلت عن ذلك المشير إلى استشارة غيره، فلا ولله ما زادني عمَّا ذكره لي الصديق الأول، فرأيت أن قبول المشورة خيرٌ من مخالفتها، فركبت ناقتي وصحبت رفقة في الطريق وقصدت
العراق، فلما وصلت دخلت على المهلب فسلمت عليه وقلت له: أصلح لله الأمير، إني قطعت إليك الهناء وضربت بأكباد الإبل من يثرب، فقد أشار عليَّ ذوو الحجى والرأي بقصدك لقضاء حاجتي، فقال: هل أتيتنا بوسيلة أو قرابة وعشيرة؟ فقلت: لا، ولكني رأيتك أهلًا لحاجتي، فإن قمت بها فأنت أهل لذلك، وإن يحل دونها حائل لم أذمهم يومك ولم أيئس عندك، فقال المهلب لحاجبه: اذهب وادفع إليه ما في خزانة مالنا، فأخذني معه فوجد ثمانين ألف درهم فدفعها إليَّ، فلما رأيت ذلك لم أملك نفسي فرحًا وسرورًا وأعادني إليه
مسرعًا فقال: هل وصلك ما يقوم بسد حاجتك؟ فقلت: نعم أيها الأمير وبزيادة، فقال: الحمد لله على نجاح سعيك، واجتنائك جني مشورتك، وتصديق ظن من أشار عليك بقصدنا.
قال الأسلمي فلما سمعت كلامه وقد أحرزت صلته أنشدته وأنا واقف بين يديه:
ثم عدت إلى المدينة ووفيت ديني ووسعت على أهلي وجازيت المشيرين عليَّ، وعاهدت لله تعالى أني لا أترك الاستشارة في جميع أمري ما عشت.
العراق، فلما وصلت دخلت على المهلب فسلمت عليه وقلت له: أصلح لله الأمير، إني قطعت إليك الهناء وضربت بأكباد الإبل من يثرب، فقد أشار عليَّ ذوو الحجى والرأي بقصدك لقضاء حاجتي، فقال: هل أتيتنا بوسيلة أو قرابة وعشيرة؟ فقلت: لا، ولكني رأيتك أهلًا لحاجتي، فإن قمت بها فأنت أهل لذلك، وإن يحل دونها حائل لم أذمهم يومك ولم أيئس عندك، فقال المهلب لحاجبه: اذهب وادفع إليه ما في خزانة مالنا، فأخذني معه فوجد ثمانين ألف درهم فدفعها إليَّ، فلما رأيت ذلك لم أملك نفسي فرحًا وسرورًا وأعادني إليه
مسرعًا فقال: هل وصلك ما يقوم بسد حاجتك؟ فقلت: نعم أيها الأمير وبزيادة، فقال: الحمد لله على نجاح سعيك، واجتنائك جني مشورتك، وتصديق ظن من أشار عليك بقصدنا.
قال الأسلمي فلما سمعت كلامه وقد أحرزت صلته أنشدته وأنا واقف بين يديه:
يامَنْ على الجود صاغَ الله راحَتَهُ .. فليس يُحْسِن غير البَذْلِ والجُودِ
عَمَّتْ عطاياك مَنْ بالشرق قاطِبة ً.. وأنتَ والجودُ مَنْحُوتان من عُودِ
من استشار فباب النَجْحِ مُنْفَتِح ٌ.. لديه ما ابتغاهُ غيرُ مسدودِ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق