إعلان 4

الخميس، 7 يوليو 2016

سعدون المجنون

قال مالك بن دينار: دخلت البصرة، فإذا أنا بسعدون المجنون فقلت له: كيف حالك؟ قال: يا مالك، كيف يكون حال من أصبح وأمسى يريد سفرًا بعيدًا بلا أهبة ولا زاد، ويقدم على رب عدل حاكم بين العباد؟ ثم بكى بكاء شديدًا، فقلت: ما يُبكيك؟ فقال:
ولله ما بكيت حرصًا على الدنيا ولا جزعًا من الموت والبلاء، ولكن بكيت ليوم مضى من عمري لم يحسن فيه عملي، أبكاني ولله قلة الزاد وبُعد المفازة والعقبة الكئود، ولا أدري بعد ذلك أأصير إلى الجنة أم إلى النار؟ فسمعت منه كلام حكمة فقلت له: إن الناس يزعمون أنك مجنون، فقال: وأنت اغتررت بما اغتر به بنو الدنيا؟ زعم الناس أني مجنون وما بي جُنة، ولكن حب مولاي
قد خالط قلبي وأحشائي وجرى بين لحمي وعظمي، فأنا ولله من حبِّه هائم مشغوف، فقلت: يا سعدون لِمَ لا تجلس الناس وتخالطهم؟ فأنشد يقول:

كُنْ عَنِ الناس جانِبا  ......  وارْضَ بالله صاحِبَا
قَلِّبِ الناسَ كيفَ شِئْتَ ..... تَجِدْهُمْ عَقارِبَا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق